أ.أسماء علي جعفر.
محاضر/ قسم التاريخ / كلية الآداب/ جامعة مصراتة.
الملخص
ارتبط التاريخ بالطب منذ القدم, ولا يمكن الفصل بينهما حيث لا نستطيع دراسة أي موضوع متعلق بالطب دون الرجوع إلى الخلفية التاريخية للمرض والتطور الذي شهده, هنا نوضح هذا الارتباط حيث تعرّضت ولاية طرابلس الغرب مثل غيرها من مناطق شمال أفريقيا إلى عدة أزمات وكوارث طبيعية وبشرية, في فترات تاريخية مختلفة بحكم موقعها الاستراتيجي المهم في قارة أفريقيا والمطل على البحر المتوسط.
يركز هذا البحث على أربع محاور رئيسية من خلالها سيتم عرض إحدى الظواهر الفتّاكة المتمثلة في الأوبئة والأمراض عبر التاريخ القديم والحديث, وتأثيرها على ديموغرافية المنطقة,كانت ولاية طرابلس الغرب خلال القرن التاسع عشر الميلادي تحت الحكم العثماني المباشر الثاني خلال الفترة الممتدة من 1835-1911م, وقد اجتاحتها الأوبئة أسوةً بغيرها من الولايات العثمانية, وتركت آثاراً جسيمة سواء على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية, فضلاً عن السياسية من خلال دور السلطات العثمانية في التصدي لهذه الكوارث.
والمتتبع لتاريخ طرابلس الغرب آنذاك يتوجب عليه معرفة الظواهر التاريخية التي سبقت هذه الفترة, وأسباب انتشار الأوبئة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة, وتسليط الضوء عليها لأهميتها التاريخية والاستفادة من ايجابيات وسلبيات طرق ووسائل التعامل معها في يومنا هذا, تم سرد واستقاء هذه المعلومات من مصادر تاريخية أصلية أهمها بعض الوثائق العثمانية المنشورة وغير المنشورة.
استناداً لذلك تم التوصل إلى أن العامل الطبيعي, وتغير المناخ لهما دور مهم وهو ما أدى إلى كوارث طبيعية , وضرر على البشرية , كما ساهم شُح وقلة الأمطار في انخفاض الإنتاج الزراعي مما سبب في سوء التغذية, وانتشار الأوبئة مثل الطاعون وغيره, فضلاً عن كثرة الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية في ولاياتها وخارجها, نتج عن ذلك تردي الأوضاع الاقتصادية وهو ما دفع إلى زيادة فرض الضرائب والتي ساهمت في غلاء المعيشة,ومما دفع بسلطات الولاية لإنشاء المستشفيات كجزء من اهتمامها بالجانب الصحي.
الشواهد التاريخية توضح بأن الدولة العثمانية قامت بعدة إصلاحات وتنظيمات إدارية حديثة للبلاد مثل تنظيم شؤون البلديات, ونلحظ ذلك في أهم المستشفيات الموجودة في العهد العثماني الثاني بالولاية.
الكلمات المفتاحية: الوباء, الجفاف, البيمارستانات, الكرنتينة.