تأتى اهمية الدراسة لتناولها عنوان( أهمية المخطوطات وأثرها فى العلوم والمعارف الانسانية دراسة حالة(غرب افريقيا ) المخطوطات هي مؤلفات العلماء ومصنفاتهم، وهي لفظة محدثة بعد حدوث الطباعة، لهذا لا تجد ذكرًا لهذه الكلمة (المخطوط) أو (المخطوطات) في كلام المتقدمين، وإنما حدثت هذه اللفظة بعد دخول الطباعة، فأصبحت الكتب قسمين: مخطوطات، ومطبوعات. فما كان منها مكتوبًا بخط اليد سُمي مخطوطًا، وما طُبع منها سُمي مطبوعًا، تمييزًا ، أهمية المخطوطات كبيرة جدًا، فعلم الأمة مدون فيها، ومدون فيها الوحي وتفسيره؛ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وشروحها، وفقه الأمة، وعلم الأئمة، وتاريخها، ولغتها، وغير ذلك، وأمة بغير ذلك ليست أمة، ولا شك أننا ما زلنا حتى اليوم في حاجة ماسة إليها، بل إنه كلما تقدمت بنا السنين ازدادت حاجتنا وحاجة الأمة عامة لهذا فالحفاظ عليها متعين، وهو واجب على الأمة، ومن فروض الكفايات، بحيث لو قدر أنه لم يقم به أحد: فالإثمٌ واقع على الجميع.
انطلاقاً من اهتمام غرب إفريقيا فى إبراز الحضارة الإسلامية ودورها الفاعل في كافة المجالات، وبخاصة فيما يتعلق بالعلوم، تم إنشاء قسم المخطوطات، وأنيطت به مهمة جمع اكبر قدر ممكن من تراث الأمة العربية والإسلامية، وذلك باقتناء المخطوطات الأصلية أو المصورة وفهرستها فهرسة متكاملة ، تضم قسماً لفهارس المخطوطات الموجودة في العالم مصنفة حسب الدول، وتعد هذه الفهارس من مصادر المعلومات التي أعتمد عليها في قاعدة خزانة التراث والتي تعتبر حصراً شاملاً للمخطوطات الإسلامية وأماكن وجودها في شتى بقاع العالم.، والقسم يتعامل مع هذه المقتنيات بطريقة علمية مقننة، من حيث التسجيل والفهرسة والترتيب والعرض؛ إذ تسجل المخطوطات في سجلات خاصة وترقم، ثم يتم إدخال معلوماتها في الحاسب الآلي، وترتب في أماكنها داخل قاعة حفظ المخطوطات التي صممت خصيصاً لهذا الغرض؛ فهي مزودة بأجهزة تحكم في درجات الإنارة والحرارة والرطوبة، إضافة إلى نظام أمني متكامل، ونظام مكافحة الحريق..
إن أهمية مخطوطات منطقة غرب افريقيا ترجع إلى أن الدراسات والبحوث الميدانية أثبتت أن هذه المنطقة تعد من أغنى المناطق في غرب القارة بالمخطوطات العربية القيمة ، وقد ذكر بعض المهتمين بهذا الحقل أنها تتجاوز عشرات بل مئات آلاف الكتب المخطوطة وعشرات اللآف من الرسائل والوثائق ، والعقود ، والصكوك القديمة ، ولا غرابة
في ذلك فقد حصل تراكم هائل للكتب في المنطقة لأسباب كثيرة ، فقد تمتع الكتاب في نهضة هذه المنطقة بالنصيب الأوفر من الإهتمام لدى العامة والخاصـــــــة .وأغلب هذه الثروة الضخمة من الكتب المخطوطة الموجودة بين أيدينا الآن هي نتيجة لما تركه الأجداد للأولاد والأحفاد مما تراكم في تلك الحقبة الزاهرة، وقد احتفظت الأسر العلمية بأغلب هذه الثروة بالإضافة إلى مؤلفات العلماء والفقهاء المحليين الذين أثروا بدورهم المكتبات المحلية ، والأفريقية بتأليف قيمة ومتميزة.
لا شك أن المخطوطات والوثائق الافريقية في المنطقة أكثر المنظم منها والمتيسر للباحثين ذلك الموجود في مركز أحمد بابا التمبكتي للوثائق والمخطوطات ، والذي يضم الآلاف منها ، بالإضافة إلى مكتبات أهلية موجودة بمدينة تمبكتو نفسها مثل مكتبة مما حيدره للمخطوطات ، ومكتبة آل محمود كعت ، ومكتبة الزاوية الكنتية ، ومكتبة الشيخ محمد محمود الأرواني ومكتبة الأئمة في مسجد جنقربير، ومسجد سنكري ، ومسجد سيدي يحي التادلي، وبعض المكتبات الأهلية في القرى والمداشر التابعة لتمبكتو.
هذه إذن نماذج لبعض المكتبات الأهلية في المنطقة التي تزخر بآلاف الكتب المخطوطة ، والوثائق التاريخية النادرة وهذه المخطوطات أغلبها محفوظ في صناديق من الحديد والخشب ، وهي طريقة سيئة تؤدي في الغالب إلى إلحاق الأضرار الجسيمة بالمخطوط وبعضهم يحتفظ بمخطوطاته في أوعية مصنوعة من جلود الأنعـــــــــام.