اعتنت الفنون الإسلامية بشكل عام، وفن زخرفة المخطوطات بشكل خاص بمحاكاة الصور الفكرية ذات الطابع المثالي، المنتمية الى مستويات الرمز، مما أسهم في انتاج تركيبات ووحدات زخرفية تزيّن المخطوطات والوثائق التاريخية وتغلفها بأشكال مجردة متنوعة في الاسلوب والأداء الذي يمنح نتاجات الفن الاسلامي ومنها فن زخرفة المخطوط دلالات رمزية بطابع روحاني التي تحتفي بمجموعة من المفاهيم القرآنية واللغوية والفلسفية المتمثلة بالنصوص القرآنية والنبوية فضلاً عن الأدبية التي تركز جميعها على جماليات الترميز والتركيب والتذهيب والتزويق المنفذة على اغلفة المخطوط وصفحاته. إذ توشحت الكثير من المخطوطات الإسلامية والوثائق التاريخية ببعض العناصر الزخرفية (النباتية – والهندسية – والكتابية المتنوعة والمتمفصلة بعقيدة المسلم الروحية من مثل بعض المصاحف الشريفة والكتب الدينية والفقهية والعلمية والتربوية وكتب السيرة وغيرها. وبناءً على ما تقدم نجد أهمية الدراسة الحالية تأتي من قلة الأوراق البحثية والنقدية والأدبية، المعنية بشأن جماليات المفتتحات البصرية الاولية لاي مخطوط اسلامي سواء أكان دينيًا أم فقهياً أم أدبياً أم تاريخياً والذي يهتم بالجانب التقني والأدائي والفني، فضلاً عن أهمية المخطوطات التي سيتم الحديث عنها في الدراسة الحالية وندرتها إذ يتم الكشف عنها ودراستها ونشرها لأول مرة ؛ فعملية الكشف عن مخطوط واحد غير منشور يَعدّها المختصون إنجازا كبيرا فكيف ودراستنا الحالية ستكشف عن العديد من المخطوطات المخزونة في مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة في العراق والتي ستُنشر في دراسات اكاديمية. إنّ هذه الدراسة تحاول أن تسلط الضوء على بعض أنظمة التكوين الزخرفي للمفتتحات الاولى لبعض المخطوطات التي تقع ضمن الحدود الزمانية المتراوحة بين (القرن السادس – القرن الثالث عشر للهجرة)، وما تحوي انظمتها من أسس التصميم ومبادئه الزخرفي الهادفة الى تكوين وحدات زخرفية مفاهيمية وبأشكال مجردة، تعتمد قواعد وصيغا رياضية مستوحاة من البيئة الطبيعية تعتمد جماليات التناظر والتشابك والتجانس والتذهيب والتزويق بطابع رمزي. فضلاً عن ذلك سيتم التطرق الى مرجعيات الزخرفة في الفنون الإسلامية وعناصرها التكوينية وأسس تصميمها بجانب تسليط الضوء على مكتبة ودار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة وما تحويه من نفائس المخطوطات والوثائق التاريخية المفهرسة علمياً وغير منشورة سابقاً.